خلاصة القول

سياسة العصر الحجري

سياسة غريبة ينهجها إتحاد كرة القدم، مدعياً «تطوير المستوى الفني للكرة السودانية»، وهو أبعد ما يكون عن ذلك، فتقليص مشاركة اللاعبين الأجانب في المباراة من 3 إلى 2، ليس هو الحل في الارتقاء بمستويات المنتخبات كما يعتقد «عباقرة الاتحاد»، وإنما التطوير يأتي بإنشاء أكاديميات على مستوى عالي تهتم بالنشء.

وفي عصر الاحتراف، أصبحت الاتحادات لا تضيق واسعاً على الأندية، وتطور دورياتها بزيادة عدد المحترفين الأجانب وليس تقليصهم، ودونكم ما حدث في السعودية أخيراً، برفع عدد المحترفين الأجانب إلى 8 لاعبين بدلاً عن 7، ما جعل الموسم الكروي يبدأ بـ128 لاعباً محترفاً في مختلف الأندية، وأصبح التنافس على أشده في أقوى دوري عربي.

أما مصر فكانت أنديتها قوية، وأجهضت مشروعا مماثلاً للذي ينفذه الاتحاد السوداني الآن، عندما أراد الاتحاد المصري تقليص مشاركة اللاعبين الأجانب إلى 3 بدلاً عن 4 في المباراة، إلا أن الأندية المصرية قالت كلمتها ورفضت الفكرة، وكان لها ما أرادت بمشاركة كل المحترفين في المباريات.

وقصدت بإيراد نموذجي السعودية ومصر، التأكيد على أن الرياضة تتطور في أقرب البلدان إلينا وفقاً لمنظور احترافي، ونحن أبعد ما نكون عن فكرة الاحتراف وتطبيقها (على أصولها)، طالما الفكر الذي تدار به الرياضة في البلاد عفى عليه الزمن، وتجاوزته قوانين الرياضية التي يطوعها المسؤولون في الدول الأخرى لمصلحة الأندية والمنتخبات في آن واحد، بينما يلوي شداد، ومن معه، عنقها لوضع العراقيل أمام الأندية التي تنفق الأموال في سبيل الحصول على محترفين يطورون من أداء فرقها وتتفاجأ بأنها محرومة من بعضهم في المباريات المهمة والحاسمة.

وإن كان شداد يريد بالفعل تطوير المستوى الفني للكرة السودانية، كما يقول، لأسس أكاديميات سنية احترافية، لتستفيد منها الأندية والمنتخبات، مثلما هو الحال في أوربا التي تسمح اتحاداتها للأندية باستجلاب 17 محترفاً أجنبياً (أسبانيا مثالاً)، ولا تقيدها بمشاركة عدد معين في مباريات الدوري، ولن احتاج لشرح مستوى المنتخب الأسباني أو غيره من المنتخبات الأوربية، فهل أثر عدد المحترفين الأجانب عليها ؟.. الإجابة بالطبع لا، لأن كل الأندية في أوروبا لديها مراحل سنية ويتعلم عبرها اللاعب الوطني ما ينهله الأجنبي، فتجد الفكر الاحترافي متأصل فيه، والعكس عندنا يبدأ اللاعب ممارسة كرة القدم وهو في سن ربما شارفت على الـ20 عاماً وفي الوقت ذاته ربما لا يفقه بعضهم شيئاً في أبجديات كرة القدم، ويريد شداد أن تعتمد الأندية عليهم في المنافسات الإفريقية التي يلعب فيها مازيمبي (عضمه محترفين)، وغيره من الفرق التي تعتمد بشكل أساسي على لاعبين محترفين.

التعديل عندما يكون منطقياً ويعود بالفائدة على الكرة السودانية فهو مقبول، ولكن أن يضر بالأندية فهذا مرفوض جملة وتفصيلاً، فضرر الأندية تترتب عليه آثاراً سالبة تلقى بظلالها على المنتخبات. وإن أراد شداد فعلياً تطوير المستوى الفني للكرة السودانية، فعليه بالأكاديميات والفرق السنية وليس تقليص عدد الأجانب.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى