الأعمدةخلاصة القول

عادة التبخيس

ماذا يضيرنا إن منحنا كل ذي حق حقه.. لماذا نبخس الناس أشياءهم ؟، وهل ذلك يقلل من إمكانات المهاجم الفلاني أو الحارس العلاني، أم أنه مجرد حديث يدحضه أداء اللاعب داخل الملعب، مثلما كان الحال بالنسبة لمحمد عبدالرحمن الذي بخسوه حقه، وقالوا لن يفيد المريخ، غير أنه قدم أفضل ما عنده وأصبح المهاجم رقم واحد، وأخرس الألسن التي قالت إنه مصاب ولا يملك ما يقدمه للأحمر بعد رحيله من الهلال.
وليس محمد عبدالرحمن وحده، إنما سبقه لاعبين كثر في رحلة تبديل الشعار وفق عصر الاحتراف، سواء الذين ذهبوا من المريخ للهلال أو العكس، والغالبية منهم تميزوا ومدوا ألسنتهم سخرية من منتقديهم، وبينهم على سبيل المثال لا الحصر، ودون ترتيب، حمودة بشير، علاء الدين يوسف، الشغيل، بكري المدينة، هيثم طمبل، وكلتشي، فجميعهم شُكِك في مقدراتهم عندما ارتحلوا شمالاً وجنوباً ولكنهم كانوا في الموعد وعلى الوعد مع التألق، وبينوا فعلياً أننا شعب يعشق «التبخيس»، خصوصاً إذا تعلق الأمر بفريقي القمة، فلا أحد ينتقد بمنهجية وعلمية وإنما من باب «مع وضد»، أنت ليس معي فأنت «سيئاً» وإن «نَقطت الكورة».
ولم يتوقف الحد عن اللاعبين الذين ذكرتهم، ولن يتوقف عند جمال سالم الذي يملك إمكانات مهولة في حراسة المرمى سيستفيد منها الهلال شئنا أم أبينا، ورغم ذلك يصفه البعض بعديم الموهبة، وسيء الأداء، وليس بقامة المريخ لذلك لا حسرة عليه، وفي أنفس بعضهم كبر لأنه ذهب إلى الهلال وليس لأنه كما وصفوه، فجمال لاعب صغير السن كبير الموهبة، وسيكون له شأن في حراسة المرمى الأزرق، وسنرى ذلك على أرض الملعب، فلا نستعجل الحكم عليه الآن. راقبوه وستعرفون أن المريخ أرتكب أكبر خطأ على الإطلاق بالاستغناء عنه.
وسبق أن قلتها: «علينا الاعتراف بالفشل في الحفاظ على لاعب مميز»، لا أن نبخس موهبته التي لا يختلف عليها إثنان، وإن وجد مدرب الحراس المميز سيطورها بلا شك في مقبل السنوات، ولن يكون هناك حارساً أفضل منه في الساحة، مثلما هو الحال الآن.
وما أتمناه فقط هو أن نعترف بمجهود الرجال، وأن نمنحهم حقوقهم كاملة، ولا ننظر للأشياء بمنظور «الهلاريخية» التي أقعدتنا ردحاً من الزمان ننافس محلياً وليس لنا نصيب من الألقاب القارية، غير واحداً جلبه المريخ قبل 30 عاماً إلا بضعة أشهر، فهل يعقل أن ننام عليها «نوم أهل الكهف»، وغيرنا يحصد البطولة تلو الأخرى، بتخطيط واحترافية، دون النظر للتنافس المحلي كـ«غاية»، وإنما وسيلة يستعد بها الفريق للاستحقاقات الخارجية.
علينا أن نفيق من ثُباتنا، وترك التبخيس والصراعات الإدارية الفارغة نكاية في بعضنا، وأن يكون الهدف الأسمى هو نيل السودان بطولات إفريقية كبرى تعيدنا للواجهة وتجعل منا فرقاً يشار إليها ببنان التميز، وترتجف قلوب الخصوم حينما ننازلها.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى