الأعمدة

قطر.. علّمت الغرب ما لم يعلم..!!

• والتلفزيون الأرجنتيني كان يجري مقابلة مع مشجع أرجنتيني ليتحدث عن التأهل، وعن صعود الأرجنتين بعد ملحمة كبيرة أمام هولندا إلى نصف النهائي، كان يتحدث وحقيبته بيده، يبدو أنه في طريقه إلى المغادرة، بالرغم من أن منتخب بلاده تنتظره مباريات أكبر في مونديال قطر، وأثناء حديثه يصادف مرور مشجع عماني الجنسية بقربه ويلحظ إلى الحقيبة، والشرود في عيني المشجع الأرجنتيني، فيسأله ضاحكاً، وبإنجليزية ركيكة عن أن المشوار لم ينته بعد، وأن رحلة الأرجنتين ما زالت مستمرة “إنت شايل شنطتك ماشي وين؟”، فيجيب المشجع الأرجنتيني بإنكسار بأن “خلاص.. نو موني”، فماله قد استهلك في الرحلة ووصل إلى الختام، وهنا يسجل العماني مشهداً للتأريخ حين يحمل حقيبة الأرجنتيني ويواصل حديثه الضاحك بأن ستبقى معنا في ضيافتنا، وسنشاهد كل المباريات المتبقة في كأس العالم حتى النهائي، و”على حسابنا” حتى النهاية، كل هذا كان ينقله التلفزيون الأرجنتيني، ويمحو من أذهان الشعب الأرجنتيني ملايين الصور المشوهة عن العالم العربي، وملايين القصص عن المسلمين، بتصرف عفوي نراه عادياً، وعاديا جداً في مجتمعاتنا، ولكنه يعتبر نقلة وحدث يستحق الوقوف لدى الشعوب المادية المطحونة بالعولمة.. فهل من خدمة أكبر من هذه كان من الممكن أن تقدمها قطر للعالم..؟؟
• ومشاهد أخرى، المنتخب المغربي، وأسود الأطلس، الذين أدهشوا العالم بهذا الظهور، وتخطوا كل العقبات الكبيرة، لم يكن الحدث في الانتصارات، ولا الوقفة القوية وإقصاء منتخبات مثل إسبانيا والبرتغال، كان الحدث هو في شكل الاحتفالات، ونجوم المنتخب الوطني المغربي يهرعون عقب كل انتصار إلى أمهاتهم في المدرجات، ينتظرون أول تهنئة من “ست الحبايب” التي يسيرون بدعواتها ويعيشون عليها، وعلى رضاها، كانت مشاهد تقشعر منها الأبدان، حين يتواضع النجوم في أوقات العظمة ليقبلوا التراب تحت أقدام أمهاتهم، ويرصعوا سماء الملاعب بالقبل والأحضان الدافئة التي رعت هذه المواهب وسهرت عليها، حتى تحقق كل هذا، وتلك قيمة أخرى سمحت قطر للعالم العربي والأفريقي المسلم بأن يعكسها للعالم الغربي المجنون، المتمرد على قوانين الطبيعة والأسرة، والبناء السوي للمجتمعات، درس آخر كان يدخل ضمن الدروس الإضافية غير مدفوعة القيمة لتكون رسالة للناس والعالم..!!
• العالم العربي والأفريقي بكل تخلفه الذي يصوره الغرب يدافع عن البناء السليم للمجتمعات بأخلاق لا تتكرر وتكاد تكون معدومة في مجتمعات مفككة، وعمارات سوامق أرهقت الأرض بالأسمنت بلا قيم ولا مباديء، لذلك كان علينا أن نعلمهم بتلقائيتنا وحرصنا على الأسرة وكبار السن من الآباء والأمهات أننا ملكنا العالم بهذا ذات يوم، وسنملكه بهذا في مقبل الأيام..!!
• لم يكن الغرض من تنظيم قطر لكأس العالم نسخة 2022 إدهاش الأوربيين والأمريكان بالمباني والتخطيط والنظام والأبنية الزجاجية والمترو والملاعب الحدث، أبداً، فهذا مضمار هم بعيدين فيه تماماً، ويسبقوننا فيه بملايين السنين الضوئية ، ولكن هنالك قيم ومباديء وأخلاق لا تجدها إلا هنا، ولن يستطيعها إلا من عاش في المنطقة، ليدرك معنى الأسرة، ومعنى تقدير الكبار، ومعنى الأبوة والأمومة، ومعنى الرحمة للأطفال، والتوقير للكبار، علموهم الأمر بالمعروف من خلال خطابات أنيقة وهادئة في محطات المترو، وفي خطوط المواصلات، لوحات صامتة ولكنها تضج بالرسائل التي تجعل الفرد يقرأ ويراجع نفسه ألف مرة، وما أروع الدعوات الصامتة والحوارات التي تدور بين المرء ونفسه، ونجحت قطر في توصيل الرسالة بلا أدنى ضجيج..!!
• نهت قطر عن منكر الخمر في ملاعب المونديال، احترمت دينها وشعبها وقيمه ومبادئه، فأعزها الله بأروع تنظيم على الإطلاق لكأس العالم، وجعلت المسئولية كبيرة على عاتق القادمين لاستضافة النسخ الأخرى من كأس العالم..!!
• كانت قطر تطبق حديثاً كريماً ورائعاً للمصطفى صلى الله عليه وسلم “إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بأخلاقكم”، ولعل حديث الأخلاق في قطر يطول، فهو شعب ظل على الدوام يحترم الناس ويحترم نفسه، شعب مؤدب بالقرءان “وعينو مليانة” لذلك كان حصاد النجاح طبيعياً..!!
• مرة أخرى .. شكراً قطر على كل شيء..!!
• اللهم اغفر لي ولوالدي.. رب ارحمهما كما ربياني صغيراً..!!
• أقم صلاتك تستقم حياتك..!!
• صلّ قبل أن يصلى عليك..!!
• ولا شيء سوى اللون الأزرق..!!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى